فور إعلان نتیجة انتخابات الرئاسة بفوز النائب مرزوق الغانم خیمت حالة من الصدمة و خیبة الأمل على الشعب الكویتي حتى كتابة هذه السطور. أسباب تلك المشاعر مردها إلى أمرین أساسیین الأول هو نكث 14 نائباً بوعودهم حیث صوتوا لمرزوق الغانم (3 منهم أبطلوا أوراقهم بسبب الضغط الشعبي)، في حین أنهم أعلنوا للشعب الكویتي أنهم سیصوتون لمرشح الرئاسة النائب بدر الحمیدي، بل حضروا مع الرجل جمیع الاجتماعات التنسیقیة وتعاهدوا على ذلك !
أما السبب الثاني هو التزام الحكومة بالتصویت لمرزوق الغانم الذي لم یصوت له إلا 18 نائباً فقط وهو ما یجعله خاسراً في عیون الشعب الكویتي بالمقارنة مع عدد النواب الذین صوتوا للحمیدي الذي حصل على 28 صوتاً، وكذلك بالمقارنة بما حصل علیه مرزوق الغانم نفسه من أصوات في انتخابات الرئاسة 2016 حیث حصل منفردا على 33 صوتا (بدون أصوات الحكومة التي زادت رقمه الى 48).
لكن هذه المرة لم یتمكن النائب الغانم من الوصول الى عتبة النجاح (33 صوتا) من دون رافعة الحكومة التي ألزمت وزرائها ال 15 بالتصویت له وترجیح كفته.
ولأنه لا یوجد في عالم السیاسة دعم مجاني، فسیكون الغانم مدیناً لها وسیحرص على تمثیل مصالحها على حساب مصالح الشعب الكویتي الذي راهن على ازاحته من منصة الرئاسة.
الأسباب التي لم تجعل مرزوق الغانم خیار الشعب الكویتي لمنصب الرئاسة عدیدة، لكن العامل المشترك بینها هو أنه لم یعد یمثل مصالح الناس، بقدر ما یمثل تحالف السلطة والتجار، الأمر الذي أبعده عن نبض الشارع بل وأسقطه في انتخابات رئاسة المجلس بالأصوات الشعبیة.
أما إذا حاولنا تجاوز انتخابات الرئاسة (التي شابتها شبهة البطلان بسبب تسرب أوراق اقتراع غیر مختومة و مطالبة بعض النواب بالتحقیق) فإن التغییر المطلوب ینبغي أن یكون على مرحلتین: الأولى فوریة وتتعلق بتعدیل اللائحة الداخلیة لمجلس الأمة لتكون انتخابات الرئاسة ومكتب المجلس علنیة حتى یعرف الشعب الكویتي أین تذهب أصوات من أوصلهم الى قاعة عبداالله السالم.
أما المرحلة الثانیة فهي استراتیجیة وسیشكرنا علیها أبناؤنا وأحفادنا (إن تحققت) وهي تنقیح الدستور لمزید من الحریات وعلى رأسها اقتصار التصویت في قاعة عبداالله السالم على النواب المنتخبین دون الوزراء، بالإضافة إلى إعطاء ممثلي الأمة حق منح أو رفض الثقة في الحكومة قبل مباشرة أعمالها.
المجلس الحالي فرصة لانجاز المرحلة الأولى (اللائحة الداخلیة)، أما المرحلة الثانیة فتحتاج للكثیر من الكفاح السیاسي و الكثیر من التفاهمات السیاسیة مع جیل مختلف من أبناء الأسرة الحاكمة.