أن تتعطل التنمية في مجتمع ما بسبب قلة الموارد أو ندرة العقول أو نتيجة للنزاعات والحروب، أو لخضوعها لحكم شمولي، فهذا كله مفهوم (رغم نجاح العديد من دول العالم في تخطي تلك المعوقات) ، لكن أن يخفق مشروع النهضة في مجتمع يمتلك جميع أسباب النهضة لأسباب ذاتية وبأيدي أبنائه، فذاك وربك ما تحار به الألباب!
دعونا لانختلف على أن تعطل عملية التنمية في هذا البلد الصغير لاتتعدى سببين إثنين لا ثالث لهما: الفساد وسوء الإدارة. كما يجب أن نتفق أنه لا حلّ لهذا المشكل إلّا بالحكم الرشيد الذي يستند على قاعدة ذهبية سارت عليها جميع الدول الناجحة قديماً وحديثاً و قبل ذلك ذكرها رب العزة في كتابه الكريم وهي تولية القوي الأمين. و عليه فإن أي محاولة لتجاهل هذه القاعدة أو الإلتفاف عليها لن يجلب إلّا مزيداً من الإخفاق والتراجع، وضياع المزيد من الفرص على الأجيال القادمة.
لقد آن الأوان لإطلاق المارد الكويتي من قمقمه الذي ظل محبوساً فيه لعشرات السنين حتى تجاوزنا الإشقاء والأصدقاء في سباق التنمية.
إنه لمن المحزن حقاً أننا حتى الربع الأخير من القرن الماضي كُنا نحن النموذج الملهم للعديد من دول العالم بمن فيهم الأشقاء في دول مجلس التعاون و دول اخرى مثل ماليزيا وتركيا، بل إننا سبقنا دولة متقدمة و هي النرويج في فكرة الصناديق السيادية، لكننا صرنا اليوم عبرة تتحدث عن إخفاقنا وسائل الإعلام العربية و العالمية بسبب مافعلناه نحن بأنفسنا.
لقد تأخرنا كثيرا في تدشين مشروع نهضتنا الذي يفترض ان يحافظ على رفاه بلدنا و اجيالنا القادمة فضلا عن وجودنا كمجتمع تتهدد المخاطر من كل الاتجاهات. لقد آن الأوان أن ننحي خلافاتنا الصغيرة جانبا و ان ننشغل في القضايا الكبرى لكي ننهض من عثرتنا و نتعاون في بناء وطننا متجاوزين انقساماتنا السياسية و الطائفية و الاجتماعية. آن الأوان لنري العالم كيف تكون نهضة هذا البلد الجميل الذي سيأخذ مكانته اللائقة في السباق التنموي والحضاري في القرن الواحد والعشرين.
د.أحمد الذايدي