خدعة الخطر الايراني والتطبيع

ليس لدي شك في خطورة النظام الايراني على دول المنطقة واطماعه في دول مجلس النعاون ، بل على الأمن الاقليمي برمته. و بنظرة خاطفة على ما فعلته ايران في العقد الماضي من زعزعة لأمن الكويت والبحرين و زرع خلاياها و أذرعها في الكثير من دول المنطقة لا يحتاج الى دليل على مدى الخطورة الاستراتيجية لهذا النظام المتربص. أما تورطها بدماء الشعوب العربية في سوريا و العراق و اليمن، و قمعها للأقلية العربية في الأحواز ، فقد كشف الطبيعة الدموية لهذا النظام بالصوت و الصورة.

لعل سائلاً يسأل: إذا كانت إيران بهذه الخطورة ، أين الخدعة في اتقاء شرها والتحالف مع عدوها على قاعدة “عدو عدوي صديقي”، مما يجعل من إسرائيل حليفاً مثاليا للشعوب الخليجية في هذا الوقت بالذات ضد الخطر الإيراني المتربص، خصوصاً إذا أخذنا في الاعتبار انشغال الحليف الأمريكي بالخطر الروسي – الصيني الداهم بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.

و الجواب على هذا السؤال بسيط و لا يحتاج الى كثير عناء، فبنظرة سريعة لتاريخ العلاقات الخليجية – الإيرانية من جهة ، والخليجية – الاسرائيلية من جهة أخرى طوال السبعين عامًا الماضية ، سنتذكر أن دول الخليج كانت و مازالت حليفا للغرب وعدوا لاسرائيل وخصيما لإيران في آن واحد (دعم بعض حكومات الخليج لنظام صدام حسين طوال الحرب العراقية الايرانية جعلها في خندق الأعداء).

كما أننا لا نذيع سرا إذا قلنا أن السبب الرئيس الذي منع إيران من العبور للضفة الغربية من الخليج هو القواعد والأستطيل الأمريكية ، وقبلها الأساطيل البريطانية و قبل ذلك الأساطيل العثمانية ، و لم يكن لوجود الكيان الصهيوني أو عدمه أي اعتبار في معادلة الأمن الخليجي سواءً قبل أو بعد نشأة ذلك الكيان.

أما غزو روسيا لأوكرانيا الذي غير كافة التوازنات السياسية العالمية فقد جاء لصالح دول الخليج الغنية بالنفط والغاز لا سيما في ظل خطط حلف الناتو للاستغناء عن النفط والغاز الروسي. لذلك فإن حاجة الغرب لتأمين مصادر الطاقة في الخليج لا تقل عن حاجة دول الخليج للمظلة الأمنية الأطلسية لردع الخطر الايراني ، مما ينفي الحاجة لادخال الثعبان الاسرائيلي إلى جزيرة العرب مرة أخرى بعدما أخرجهم منها رسولنا الكريم (صلى الله عليه و سلم) نتيجة لمكائدهم وخياناتهم التي لا تنتهي.

إن شعوب مجلس التعاون باتت على درجة عالية من الوعي بخطورة كلا المشروعين الصهيوني والإيراني على أمن المنطقة (مثلما كانا كذلك طوال العقود الماضية)، و إن خدعة تسويق الكيان الصهيوني لشعوب المنطقة – الذي مازالت جرائمة حاضرة في فلسطين و باحات المسجد الاقصي – بذريعة ردع الخطر الايراني ، باتت مكشوفة و لن تنطلي على أحد.
لقد وصف الله تعالى سيكيولوجية اليهود تجاه المسلمين بكلام فصيح واضح منذ 14 قرنا ” لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود …” ، صدق الله و كذب المطبعون.

د.أحمد الذايدي

شاهد أيضاً

ما بعد الطوفان.. غزة تحرر العرب

إن تأثير حرب غزة 2023 (طوفان الأقصى) على الرأي العام العالمي قد فاق جميع التوقعات …

اترك تعليقاً