لقد وصلت الكويت الى حالة من الانـسداد السياسى والفشل الاداري والشلل التنموي حدا جعل القاصى والدانى (باستثناء المستفيدين من الوضع الراهن) يحزن على ما آلت اليه الأمور في هذا البلد الجميل.
ولعل ما يزيد من حاله الحزن والإحباط فقدان البوصلة السياسية التي نحن بأمس الحاجة اليها للخروج من حالة التيه التي نعيشها، فأصبح حالنا أشبه بحال الهائم على وجهه في الصحراء على غير هدى ، لا يناله من سعيه الا التعب والنصب والجوع والعطش.
و مما زاد من حالة التيه هو غياب القرار لدى المؤسسات السيادية التي ابتعدت كثيراً عن نموذج الحكم الرشيد. كما أن تشرذم المعارضة (الاحتجاجية) أفقدها ثقة الكثيرين و شكك في قدرتها على تقديم حلول واقعية قادرة على اخراج البلاد من هذا المأزق السياسي الذى بات يشعر به الجميع بلا استثناء بما في ذلك الطفل في المدرسة و المريض في المستشفى وسائق المركبة في الطريق .
ولان الكويت أمانة في أعناق الجميع ، فانه لا يسع أولي النهي من أهل الرأي والحكمة أن يصمتوا عن الحال التي وصلت اليها البلاد من فشل سياسى و تعطل لأهم مؤسسات الدولة وعلى رأسها السلطتين التنفيذية والتشريعية، اللتان تحولتا من مؤسسات لصنع القرار الى هياكل غير فعالة الا في انتاج الأزمات.
ان الوضع المتدهور الذى تعيشه الكويت منذ تسعينيات القرن الماضي والذي تضاعف بشكل غير مسبوق في السنوات الأخيرة – في ظل عجز الطبقه السياسية عن تقديم الحلول – كفيل بتحويل مهمة الإصلاح من فرض كفاية – على المشتغلين في السياسة – الى فرض عين على كل مواطن غيور يحترق قلبه على حال هذا البلد.
لذلك فانه يتحتم على كل قادر على الاصلاح أن يشمر عن ساعديه وعلى رأسهم المثقفون والحكماء و قادة الرأي ومؤسسات المجتمع المدني (التي تخلت عن دورها في نهضة المجتمع). فالجميع شركاء في مهمة الانقاذ الوطني لانتشال البلاد من حاله الانسداد السياسىي التي انعكست على كافة مناحي الحياة و بات الجميع يكتوي بلظاها بلا استثناء.
ولأن أمر المؤمنين شورى بينهم ، فإن أحد أشكال المبادرات الفعاله هو التداعى لعقد مؤتمر إنقاذ وطنى لمراجعة التجربة السياسية الكويتية وتصويب مسارها والاتفاق على كلمة سواء حتى لو اقتضى ذلك التوافق على معادلة سياسية جديدة تخرج اليلاد من حالة التيه اللامنتهية لتنطلق البلاد من كبوتها الطويلة الى الاستقرار و النهضة ، و ينعم أبناؤنا بخيرات هذا الوطن المعطاء. قال تعالى ” و تعاونوا على البر و التقوى ولا تعاونوا على الاثم و العدوان و معصية الرسول ” صدق الله العظيم
د.أحمد الذايدي