ثلاث محاولات لعزل مرزوق الغانم من رئاسة مجلس الامة تحظى بدعم أغلبية نيابية منتخبة (٣١ نائبا) تجعله بحكم الرئيس المعزول ، حتى لو حاول الافلات من هذا الاستحقاق القانوني من خلال الهروب للأمام وتعطيل الجلسات، فإنه لن يفلت من الاستحقاق الشعبي والتاريخي الذي سيظل يلاحقه طوال حياته.
لم تكن دوافع تلك المطالبات الشعبية و البرلمانية لعزل الغانم شخصية أو سياسية بقدر ما كانت ردود فعل طبيعية على مواقفه السياسية الخاطئة وسلوكه الاستفزازي الذي جعله يخسر حتى أقرب مؤيديه ، بل و يخسر إرثه السياسي لعقود قادمة.
لقد كان السقوط الاول للغانم حين وبخ الكويتيين على شكواهم من الفساد واتهمهم بالمبالغة و التشاؤم ، بل واتهم كل صوت اصلاحي بالتآمر عليه وعلى الوطن، من أجل عيون حفنة من المسؤولين اللصوص الذين يقبعون اليوم في السجن المركزي بتهم الفساد وغسيل الأموال التي جعلت سمعة الكويت مادة لأفلام هوليوود.
أما السقوط الثاني فكان في انتخابات الرئاسة حيث فشل في الحصول على ثقة زملاءه من النواب المنتخبين وهو ما جعله يرتمي في حضن الحكومة حتى لو جعل منه ذلك ممثلا لها في مجلس الامة عوضا عن تمثيله للشعب الذي أوصله الى البرلمان.
لكن السقوط الثالث و المدوي هو توقيع ٢٣ نائبا بمجلس الامة على طلب عزله (المطلوب عشرة نواب فقط)، و تكرار ذلك ثلاث مرات متتالية حتى وصل عدد الموقعين ٢٥ نائبا مدعوما بذات الأغلبية ( ٣١ نائبا ) وهو ما جعل سقوطه من وجدان الكويتيين تاريخي لا رجعة فيه، حيث لم يسبق لنواب بمجلس الامة أن طالبوا بعزل رئيس السلطة التشريعية منذ تدشين الحياة الدستورية عام 1962.
و على الرغم من تجاهل الرئيس المعزول لهذا الطلب (ضاربا بعرض الحائط اللائحة الداخلية لمجلس الامة)، إلا أن الشعب الكويتي قد قال كلمته من خلال ممثليه الذي يعكسون النبض الحقيقي للشارع الكويتي.
أخيرا، سيسجل التاريخ في صفحاته السوداء أن هذا الرجل ضحى بمصالح الوطن وأجياله القادمة، و قام بحماية المفسدين، وعرقل العفو عن الشرفاء من نواب وشباب وناشطين، من أجل التشبث بكرسي الرئاسة ، و هو ما يجعله يتحمل بجدارة أوزار الحكومات التي وفر لها الغطاء السياسي و دافع عن رموزها الفاسدين و قراراتها الخاطئة التي تسببت في استنزاف مالية الدولة وسمعتها وأفسدت مؤسساتها و عطلت التنمية و شلت المؤسسة التشريعية وأفرغت الدستور من محتواه و رمت بالكويت وأجيالها القادمة الى المجهول.
د.أحمد الذايدي